الدنيا مُلهيةٌ غرَّارة، يتقلَّبُ المرءُ فيها بين خيرٍ وشرٍّ، وفرحٍ وترَحٍ، وغِنًى وفقرٍ، ونصرٍ وهزيمةٍ. أيامُها دُول، ولياليها حُبلَى بما لا يدري ما الله كاتِبٌ فيها، إن سرَّ زمنٌ فيها ساءَته أزمانٌ أخرى، يومٌ له، ويومٌ عليه، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران: 140].
إن التوسُّط في الأمور سلامةٌ كي لا ضِرارَ ينالُ منك ولا ضرَر قد يُهلِكُ الإنسانَ أمنٌ مُفرِطٌ أو يعترِيه السوءُ من فَرط الحذَر
إذا كنتَ ذا فهمٍ فكن ذا نباهةٍ وكُن حذِرًا لدغَ الضَّحُوكِ وحاسِمًا فلم تبتسِم أفعَى على حين لدغةٍ ولكنَّ بعضَ الناس يلدغُ باسِمًا
أيُّ يوميَّ من الموتِ أفِرُّ يوم لا يُقدَر أو يوم قُدِر يوم لا يُقدَر لا أحذرُه ومن المقدورِ لا ينجُو الحذِر
لا تحسبَنَّ الرِّزقَ يأتِي طَفرةً أو عُنوةً مِن دونِ سعيٍ، كلَّا فاكسِبْ، وكُلْ، وابذُلْ لغيرِكَ، وادَّخِرْ واحذَرْ تكُنْ بين الخلائِقِ كلَّا
فالحكيمُ يقُودُ عقلُه لِسانَه، فله عقلٌ حاضِر، ودينٌ زاجِر، يعرِفُ مواضِع الإكرام باللِّسان، ومواضِع الإهانة به، يعلَمُ الكلامَ الذي به يندَم، والذي به يفرَح، وهو على ردِّ ما لم يقُل أقدَرُ مِنه على ردِّ ما قال. فمِثلُه يعلَمُ أنَّه إذا تكلَّم بالكلِمَةِ ملَكَتْه، وإن لم يتكلَّم بها ملَكَها، وربما صارَ حكيمًا بالنُّطقِ تارةً، وبالصمتِ تاراتٍ أخرى، مع إدراكِه بأن يقولَ الناسُ: ليتَه تكلَّم، خيرٌ مِن أن يقولُوا: ليتَه سكَت.